Subscribe

الحوادث الرئيسية في حياة ربنا يسوع

نجد في الاناجيل الاربعة مادة كافية لترشدنا

(أ) ميلاده المعجزي :

تعرف البشيرون على الحقائق المتعلقة بميلاد المسيح المعجزي من شهود عيان ومن أشخاص لازموا هذه الحقائق عند وقوعها أو كان لهم نصيب فيها عند تمامها . فإنه بالإضافة إلى أن يسوع وهو على الصليب عهد بأمه مريم إلى تلميذه يوحنا (يو 19: 26-27). فإنه ينبغي أن لا يغيب عنا أن يعقوب أخا الرب (انظر: أخوة الرب)، كان لمدة سنين طويلة من القادة المتقدمين في الكنيسة المسيحية في أورشليم. وبعد القيامة والصعود كانت مريم أم يسوع تلازم المؤمنين في أورشليم ، وكان إخوته وقد تحرروا من كل شك في ألوهيته، يشتركون مع المؤمنين أيضًا ويلازمونهم (أعمال 1: 14) وعندما رافق البشير لوقا بولس الرسول في زيارته لأورشليم في عام 56 أو 57 الميلادي كان يعقوب أخو الرب أحد الذين زارهم بولس هناك (أعمال 21: 17-18) وكان لوقا في ذلك الحين وكما يظهر من مقدمة بشارته شغوفًا كل الشغف بجمع الحقائق الخاصة بحياة الرب يسوع.

ولا نجزم يقينًا أن لوقا قابل مريم أم يسوع بنفسها عندما كان في أورشليم ولكن من المحقق أنه استقى الحقائق التي تتعلق بميلاد الرب يسوع التي تعرفها مريم وحدها إما منها أو من المقربين إليها الذين استقوها منها شخصيًا . فقصة ميلاد المسيح المذكورة في (إنجيل لوقا 1: 26-56؛ 2: 1-51) والتي تذكر الحبل به من الروح القدس تذكر في هذا الإنجيل من وجهة نظر مريم وكما لامست حوادثها وحقائقها بنفسها. وعندما يذكر متى قصة ميلاد الرب يسوع يذكرها من وجهة نظر يوسف . وكلا البشيرين يتفقان على أن الرب يسوع حبل به في البطن بالروح القدس وولد ابن الله من مريم العذراء البتول الطاهرة (لو 1: 35؛ مت 1: 18-24). وتمشيًا مع هذه الحقيقة يفتتح يوحنا البشير بشارته بهذه الكلمات : “في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله.. والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجد الابن الوحيد من الآب، ممتلئًا نعمة وحقا” (يوحنا 1: 1-14).

 

(ب) طفولية يسوع وصباه ونموّه :

 

صورة في موقع الأنبا تكلا: محبة يسوع لنا، محبتنا لله – من الفن القبطي رسم تاسوني سوسن.

ندرك من (لوقا 2: 40) أن حياة يسوع من طفولته إلى شبابه كانت شبيهة بحياة الإنسان العادي ما خلا أنها كانت كاملة ، ففيه تحقق مثال الإنسان الكامل الذي أراده الله أن يكون مثالًا للبشر في كل مراحل حياتهم ومع انه عاش في بيت وضيع مع مريم ويوسف وربما أيضًا مع أخوته وأخواته المذكورين في الكتاب إلا أن حياته كانت في كل الأوقات والظروف متفقة تمامًا مع إرادة الله (لو 2: 52) . ويظهر جليًا أنه شعر في سن مبكرة أنه ابن الله الوحيد (لوقا 2: 49) . ويبدو جليًا من (لو 2: 46-47) أنه بدأ في حداثته المبكرة وفي سن صغيرة يدرس العهد القديم دراسة عميقة واسعة . ومع أنه يبدو أن يوسف مات لهذا بدأ يسوع يعمل كنجار بجد واجتهاد كي يعين أمه وأخوته في شؤون معيشتهم (مت 13: 55-56) . إلا انه أعطي وقتًا كافيًا للتأمل وقراءة الكتب المقدسة والصلاة . وإننا لا نجد في العهد الحديد الكثير من طفولية الرب يسوع ما عدا هذه الإشارات البسيطة والقول الوارد في (لوقا 2: 52) “وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس”.

 

(ج) معموديته وتجربته :

عندما بلغ يسوع سن الثلاثين من العمر حوالي عام 27 الميلادي (لو 3: 23) ، ترك الناصرة واعتمد من يوحنا المعمدان . وبعمله هذا أعلن جهارًا أنه قد تقبل عمله المجيد كالمسيا وكابن الله الوحيد والمخلص الذي مع أنه بلا خطيئة تمامًا إلا أنه حمل خطيئة البشر.

وقد أعلن الله الآب رضاه عن عمل ابنه هذا في كونه صار شبيهًا بأخوته البشر الخطاة ، في نزول الروح القدس عليه في هيئة جسمية ملموسة كحمامة ، وبمجيء الصوت إليه معلنًا : “أنت ابني الحبيب بك سررت” (لو 3: 22) . وهذه الكلمات تجمع بين (مز 22: 7؛ أش 42: 1) . وهذه الكلمات تعلن أن هذا هو المسيا الذي تتحقق فيه النبوات بأنه عبد الله المطيع لإرادته المتألم لأنه يحمل خطيئة الكثيرين.

وبهذا اليقين في قلبه اقتيد يسوع إلى برية اليهودية لكي يجربه إبليس (مت 4: 1) حتى يثبت كفايته كمخلص البشر وأهليته لهذا العمل العظيم . فكان عليه أن يبرهن أولًا على طاعته المطلقة من غير قيد ولا شرط للآب السماوي ويدلل على قدرته في الانتصار على المجرب . وقد رأى بعض المفسرين في ذكر التجربة في بدء خدمة المسيح الجهارية مقابلة بينها وبين قصة السقوط في تكوين ص 3 وكيف أن آدم الأول سقط وهو في أحسن الظروف المواتية للانتصار وكيف أن آدم الثاني الرب يسوع انتصر على المجرب وهزمه بالرغم من الظروف القاسية التي وجد فيها . وخرج من التجربة ظافرًا غالبًا معلنًا للعالم بأنه يليق لأن يكون ابن الله الوحيد ومخلص العالم بغير منازع (مت 4: 1-11؛ مر1: 12-13؛ لو4: 1-13).

 

(د) بدء خدمة يسوع الجهارية :

بعد أن انتصر يسوع على المجرب وهجماته القاسية وبعد أن”خرج غالبًا ولكي يغلب” بدأ خدمته الجهارية فدعا تلاميذه الأولين (يو 1: 35-51). وأظهر قوته في معجزة تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل (يو 2: 1-11)، وبعمل بعض المعجزات (يو 2: 23-24)، وبتعليمه نيقوديموس حقائق روحية رائعة عن الولادة من فوق أو الولادة الجديدة (يو 3: 1-21) ، وبتقديمه بشارة الخلاص إلى امرأة سامرية منبوذة من قومها (يو 4: 1-42). وقد مهد لهذه المرحلة من خدمته الجهارية يوحنا المعمدان وقد وصلت هذه المرحلة إلى الذروة عندما اعترف بعض السامريين إذ قالوا : “فإننا قد سمعنا بأنفسنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم” (يو 4: 42).

 

(ه) مناداة المسيح في الجليل وخدمته هناك:

كان وضع يوحنا في السجن إشارة التنبيه القوية التي بعدها بدأ يسوع خدمته في الجليل معلنًا النداء أنه قد جاء الميعاد وقد اقترب ملكوت الله (مر 1: 14-15) . وعندما أعلن في مجلس الناصرة بأنه هو المقصود بالنبوات عن المسيا المنتظر وأن هذه النبوات قد تمت فيه ، رفضه قومه وأهل بلدته (لو 4: 16-17) من بعد هذا اتخذ يسوع كفر ناحوم مركز بثّ دعوته ونشر رسالته ، وبقيت كفر ناحوم مركزًا له مدة تزيد على سنة كاملة من خدمته . فكان يعلّم في كفر ناحوم وفي أنحاء أخرى من الجليل ويعمل المعجزات (مت 4: 2؛ 14: 13؛ مر 1: 14؛ 6: 34؛ لو 4: 14-9: 11؛ يو 4: 46-54؛ وغيره). وقد أظهر سلطانه وقوته في عالم الأرواح وهزيمة الشيطان وجنوده (لو 8: 26-39؛ 9: 37-45؛ وغيره). كما أظهر قوته على الجسم البشري وعلى الأمراض الجسمانية والروحانية (مت 8: 1-17؛ 9: 1-8؛ وغيره). كما وأظهر قوته على الحياة والموت (لو 7: 11-17؛ مت 8: 18-26). ثم أعلن في النهاية أن له سلطانًا تامًا على مصير البشر الأبدي وأظهر في الموعظة على الجبل وفي غيرها من تعاليمه سلطانه الفريد على إعلان شرائع ملكوت الله وقوانينها (مت 5: 1-7، 29؛ وغيره).

وعندما أظهر سلطته العظمى بوصفه المسيح المنتظر، أظهر أيضًا محبته الفائقة وحنانه الذي لا نظير له على مصابي الجسد والروح (9: 1-8، 18-22؛ لو 8: 43-48؛ وغيره). وقد أعلن مرارًا وتكرارًا بأنه قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك ، وقد استعمل سلطانه الإلهي في مغفرة الخطايا (لو 5: 20-26؛ 7: 48-50).

St-Takla.org Image: Modern Coptic icon of Jesus Christ, and around Him the 24 elders and the 4 living creatures – art by the nuns of St. Demiana Monastery, El-Barary, Egypt. صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور السيد المسيح وحوله الأربعة والعشرون قسيسًا، والأربعة مخلوقات الغير متجسدين -رسم راهبات دير الشهيدة دميانة، البراري، مصر.

St-Takla.org Image: Modern Coptic icon of Jesus Christ, and around Him the 24 elders and the 4 living creatures – art by the nuns of St. Demiana Monastery, El-Barary, Egypt.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور السيد المسيح وحوله الأربعة والعشرون قسيسًا، والأربعة مخلوقات الغير متجسدين -رسم راهبات دير الشهيدة دميانة، البراري، مصر.

وقد اختار من بين تلاميذه وأتباعه اثني عشر ليكونوا تلاميذه المقربين (مت 10: 1-4؛ لو 6: 12-16). وقد علَّم هؤلاء ودربهم ليكونوا رسله.

وقد علَّم سامعيه بسلطان ، ولم يبد عليه قط أدنى خوف من أعدائه من حكام اليهود والفريسيين فزاد هذا من قوة تأثير معجزات الشفاء التي أجراها والدلائل الأخرى لسيطرته وقوته وسيطرته على الخليقة (لو 4: 33-41؛ مر 5: 1-42؛ وغيره). وقد ذاعت شهرته بسبب هذه التعاليم والمعجزات والقوات بين جماهير الجليل (لو 4: 40-42؛ لو 5: 15، 26؛ لو 6: 17-19). وقد وصلت هذه الشهرة إلى الذروة في معجزة إطعام الخمسة الآلاف (14: 13-21؛ مر 6: 30-44؛ لو 9: 10-17؛ يو 6: 5-13). وكان هذا دليلًا قاطعًا واضحًا على أنه المسيح المنتظر بحيث عزمت الجماهير على تتويجه ملكًا (يو 6: 15).

 

(و) تعليمه الاثني عشر وتدريبه إياهم:

بعد أن رفض يسوع أن يتوج ملكًا أرضيًا (يو 6: 26-27). تركته الجماهير حتى أن بعضًا من تلاميذه تركوه ومضوا عنه (يو 6: 66-67) فذهب إلى منطقة صور وصيدا . وقيصرية فيلبس (مت 15: 21؛ 16: 13؛ مر 7: 31؛ وغيره) . ولكن لم يمكن أن يختفي عن الأنظار ، فلما عاد مرة أخرى إلى البلدان القريبة من بحر الجليل شفى كثيرين وأعان كثيرين في محنهم وأطعم الجماهير بمعجزة لأنه تحنن على الجموع وأشفق قلبه عليهم (مت 15: 29-39). ثم ترك الجموع مرة أخرى وذهب على انفراد مع تلاميذه وسألهم ذلك السؤال الخطير: “وأنتم من تقولون أني أنا؟” (مت 16: 15) فتكلم بطرس بالنيابة عن الرسل أجمعين قائلًا “أنت هو المسيح ابن الله الحي فبدأ يسوع منذ ذلك الحين يعد تلاميذه للحادثة الجلل التي تنتظرهم في أورشليم (مت 16: 21-26). ولكنه علمهم أيضًا في وضوح وجلاء وفي قوة ويقين بأن النصر النهائي له (مت 16: 27-28) ولذا فلا ينبغي أن يتسرب الخوف إلى نفوس أتباعه أو ينتابها شيء من الوجل (لو 12: 4-12، 32-34).

وقد بلغ إعلانه نفسه لتلاميذه الذروة في التجلي على الجبل عندما رآه أتباعه الثلاثة المقربون في مجده الإلهي (مت 16: 1-13؛ مر 9: 2-10؛ لو 9: 28-36) . ولأنه جاء ليتمم الناموس والأنبياء ، ظهر معه موسى ممثل الناموس، وإيليا ممثل الأنبياء في مجده قبل أن يتمم شطر أورشليم للمرة الأخيرة ليواجه آلام الموت ويحتمل الصليب لأجل خلاص البشر . وأعلن صوت الله من السماء مرة أخرى قائلًا : “هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا.”

 

(ز) ازدياد العداء له:
فالمسيح وقد أعلن ذاته لتلاميذه وأقروا هم بأنه بالحقيقة ابن الله (مت 17: 1-3؛ مر 9: 2-10؛ لو 9: 18-20) . بدأ من ذلك الحين يعدهم إعدادًا قويًا واضحًا جليًا لمهمتهم العتيدة بصفتهم نواة كنيسته وأعضاؤها الأولون ، فعلمهم حقائق كثيرة عن طريق مباشر وفي صورة أمثال ثم استمر في إعلان قوته الإلهية وسلطانه السماوي في شفاء المرضى (لو 14: 1-6؛ 17: 11-19)، وفي فتح أعين العمي (مر 10: 46-52)، وفي إعانة من كانوا في محن قاسية وإنقاذهم منها .

فنمت المقاومة ونما عداء حكام اليهود وقادتهم له وسار حقدهم عليه شططًا من سيء إلى أسوأ (لو 14: 1). فقاموا بكل حيلة ووسيلة لكي يوقعوه في فخاخهم حتى يحطموا سيطرته على الجماهير وقوة تأثيره عليهم ، ولكي يجدوا علَّة عليه ليسلموه للسلطات الرومانية لتنفيذ حكم الموت فيه (مت 19: 1-3؛ لو 11: 53-54). وقد وجه إلى أعدائه تحذيرات غاية في العمق وغاية في الهدوء والسكينة ، وقد ألقى على مسامعهم تعاليم كان ينبغي أن تنفذ إلى قرارة نفوسهم لو كانوا يفقهون. وكان هدفه في هذه جميعها أن تتغير قلوبهم ، ولكن ما كان منهم إزاء كل أعمال الرحمة والإحسان وشفاء المرضى وإقامة الموتى (يو 11: 41-45). إلا أن ألهبت قلوب غالبية الفريسيين والكتبة وآخرين من قادة اليهود وزعمائهم بنيران الحقد عليه والكراهية له (يو 11: 46-53).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *