طرق مختلفة وقلب واحد
كان هناك أربعة إخوة أحبّوا السيد المسيح بكل قلوبهم، لكن كل واحد منهم سار في طريق مختلف.
الأول كان كاثوليكياً، قلبه يفيض بالرحمة، يقضي أيامه بين الفقراء والأيتام والمرضى، يزورهم ويخدمهم كأنه يخدم السيد المسيح نفسه. وكان يحضر القداسات بخشوع، يجد فيها غذاءً لروحه وسنداً لطريقه.
الثاني كان أرثوذكسياً، يعيش الطقوس بكل عمق، يلتزم بالأصوام، ويقف في الكنيسة الساعات الطوال وسط البخور والترانيم العريقة. كان يرى في التقليد المتوارث كنزاً يحفظ الإيمان حيّاً من جيل إلى جيل.
أما الثالث فكان إنجيلياً، باحثاً في كلمة الله. يقضي وقته في دراسة الكتاب المقدس وتعليمه، يحضر الاجتماعات والعظات، ويرتل الترانيم بفرح شديد، ويجد في المشاركة مع الإخوة قوة متجددة.
والرابع لم يرتبط بطائفة بعينها، بل انشغل قلبه بالخدمة وزف البشرى السارة بفداء السيد المسيح لكل إنسان يقابله، يزور كنائس مختلفة، ويرى في كل مؤمن أخًا له. كان شغوفاً بأن يتلمذ آخرين للسيد المسيح، ويقيم جسور محبة مع الجميع. كل واحد من الإخوة كان يعتقد أن طريقه هو الصواب الكامل، وأن طرق الاخوة الآخرين غير مؤكدة. لكنهم جميعاً كانوا مخلصين في اتباع السيد المسيح.
وفي يوم ما، صعد الأربعة إلى السماء. وهناك، رأوا السيد المسيح واقفاً ينتظرهم بالترحاب والتهليل. اندهش كل واحد منهم إذ وجد إخوته إلى جانبه، والسيد المسيح يحتضنهم جميعاً بمحبة واحدة لا تفرق.
عندما رأى السيد المسيح دهشتهم، قال لهم: ”أنتم تذكّرونني بأربعة أصدقاء حملوا صديقهم المفلوج وصعدوا به إلى السقف، ثم أنزلوه أمامي. كان دافعهم الحب وتعاونوا معًا لأن هدفهم واحد: أن يصل صديقهم إليّ. وعندما رأيت إيمانهم غفرت خطاياه وشفَيت جسده.
هكذا أيضاً أنتم: كل واحد منكم حمل العالم بطريقة مختلفة، واحد بالرحمة، وآخر بالطقس والصلاة، وثالث بالكلمة والتعليم، ورابع بالبشارة والتلمذة. لم تكن الطرق متشابهة، لكن القصد كان واحدًا: أن يُحمل الناس إليّ، لأغفر خطاياهم وأعطيهم حياة جديدة. لهذا فرحت بكم جميعًا. وأضاف السيد المسيح: ”إرادتي منذ البدء أن تحبوا بعضكم بعضًا، وأن تتعاونوا معاً، لأن حين تجتمعون بالمحبة، يُسكب روحي بينكم، وتظهر قوتي، ويؤمن كثيرون باسمي.”
هاني نعيم