بين المنظور واللا منظور
أعتقد أن هناك رابط بين العلم وبين الإيمانية، هذا الرابط ليس معناه أن العلم والإيمان في حالة انسجام دائم، ولكن معناه ألا يكون هناك تضاد بين الاثنين، التضاد يعني أن أحدهم خطأ والآخر صحيح. ولكن عدم وجود تضاد معناه أن أحدهم لا يلغي الآخر.
العلم ملموس ومجرب ومثبت، ولكن بالرغم من ذلك قد يطرأ عليه تغييرات وتطوير وإضافة وحذف. أما بالنسبة للإيمان فهو كما يوصف في رسالة العبرانيين، ثقة فيما لا يرى.
هذا الغير منظور، حينما نقارنه مع المنظور هنا يحدث التضاد، ونكتشف أن الإيمان غير مقنع، وغير علمي أو غير منطقي، ولذا نعتقد أن علينا رفضه فنتحول إلى اللادينية أو اللاأدرية أو الإلحاد.
وبين تيارات الحيرة والتساؤلات، نحتاج أن نفتح أعيننا ونبحث من جديد، نفكر في تساؤلاتنا بدلاً من أن ندفنها، نبحث عن الحق بدلاً من أن نرفض كل شيء. ولأن الإيمان شيء شخصي وخاص جدًا، فلا تدع أحد يضع أسوار حولك، أو يشهر سيف أمام حريتك. الإيمان الذي لا يتم اختياره بإرادة حرة ليس بإيمان حقيقي، والإيمان الذي لا ينتج عنه نور جديد هو إيمان ميت.
إن تصوراتنا ونحن نقرأ النص الكتابي، تهيئ لنا أن الخلق كمثال حدث بهذه الكيفية التي تصورناها، وننسى أن النص الكتابي يجب النظر إليه من زوايا متعددة، لأن له أوجه مختلفة، نظرًا لأنه في الغالب كتب بصورة رمزية ليشرح حقائق لاهوتية، لا ليشرح نظريات علمية.
الكتاب المقدس كتب من خلال أناس، نشأوا في مجتمعات بدائية، وقد كان الله مهتم بالتواصل معهم ومن خلالهم. بصمة الإنسان واضحة في تواصل السماء مع الأرض فحينما كتب الوحي، لم يقم الله بإملائهم الوحي كما في معتقدات أخرى، بل امتزج الوحي الإلهي بحياة وخبرات وتفاعلات هؤلاء البشر مع بيئتهم ومجتمعهم وتحدياتهم..
إن قصة تعاملات الله مع البشر هي قصة حب عظيم بدأت من بداية الخلق ولكنها ممتدة إليك أنت بصفة شخصية، يمكنك أن تلمسها بوضوح حينما تتأمل حياتك كلها وحتى هذه اللحظة.
استكمل الجزء الثاني من المقال بعنوان: سفر مبادئ تكوين الكون.
ماهر سامي